كان ورفاقه يتقافزون أمام الوحوش الحديدية ذات الأذرع الطويلة ، جاءت لتهدم مسكن عمه الذى أخذوه منذ بضعة أيام ، وقفت أمه وزوجة عمه وبناتها أمام المسكن ليمنعوها عن التهامه ، رباه عمه بعد أن أخذوا أباه وهو طفل رضيع ، حكت له أمه كثيرا أنهم أخذوه لإصراره على غرس أشجار الزيتون فى أرضه كلما اقتلعوها ، لم يقدر له أبدا أن يرى أباه ولكن عمه حكى له عنه كثيرا ، قص عليه حكايات أشجار الزيتون ومواجهة أبيه لمن جاءوا يقتلعونها ، لم تعبأ الوحوش ذات الأذرع الطويلة بهم واستمرت فى هدم المسكن ، انخرطت أمه وزوجة عمه وبناتها فى بكاء عميق ، التف حولهم الأهل والجيران وحاولوا جمع ما يمكن من حاجياتهم ، آنية مطبخ ، قطعة أثاث ، دمية كان يلعب بها مع بنات عمه صنعها له من غصن إحدى أشجار الزيتون ، أتمت الوحوش ذات الأذرع الطويلة مهمتها الكئيبة وبدأت فى التراجع ، التقط حجرا صغيرا من المسكن المهدم ، نظر فيه ، رأى أباه يبتسم فى وجهه ويشجعه ، فعل رفاقه مثلما فعل والتقط كل منهم حجرا من أحجار المسكن ، رأى كل منهم فيه ما رأى ، انطلقوا يطاردون الوحوش المنسحبة ، تبعتهم أمه وزوجة عمه وبناتها وفى يد كل منهن حجر ، تحولت الأحجار فى أيديهم جميعا إلى كائنات حية مفكرة تعرف ماذا تفعل .
يوليو 2003