امتص الرضيع إصبعه عوضا عن ثدى أمه التى تركته مع جدته ونزلت مسرعة للحاق بالعمل ، وبخها المدير بعنف لوصولها متأخرة بضع دقائق ، بدأت فى تلقى طلبات المواطنين بعصبية ظاهرة ، احتدت على أحدهم وصرفته دون قضاء حاجته متعللة بأسباب واهية ، انصرف حانقا وهو يلعن الظروف التى اضطرته للوقوف أمامها ، استقل سيارة الأجرة التى يعمل عليها وانطلق بسرعة صاروخية غير عابئ بفزع المارة ، رفض الوقوف لرجـل متوسط الهيئة كان أول من أشار إليه ، تمتم الرجل بكلمات ساخطة وتضاعفت أحزانه ، كان قد انتهى لتوه من تسوية أوضاعه بعد الاستغناء عنه هو والعديد من زملائه بعدما اشترت شركة عملاقة المصنع الذى يعملون به ، سار فى تثاقل وعديد من الهموم تتصارع بداخله ، غامت الدنيا فى عينيه وسقط فجأة دون أدنى حركة ، تجاوزه العديد من المارة دون أن يلتفت إليه أحدهم ، انتبهت لرقدته عجوز تتوكأ على عصا ، وقفت إلى جواره وأخذت تشير إلى المارة آملة أن يسعفها أحدهم ، أنجدها شاب صغير السن وأوقف بأعجوبة سيارة أجرة ، حملوه إلى أقرب مستشفى وعندما وصلوا كان قد فارق الحياة ، رفضت المستشفى استقباله وانخرطت العجوز فى بكاء عميق ، أصابت الحيرة والارتباك الشاب الصغير ثم بدأ فى البحث عما يحمله الرجل من أوراق ، اتصل بأهله لاستلامه وهو لا يعرف كيف يبلغهم بالأمر ، وصلت زوجته وأمه وهما فى حالة انهيار كامل ، كانت الأم تحمل عل كتفها رضيعا يمتص إصبعه .
أكتوبر 2004