لا زلت أذكر ذلك اليوم، قفز إلى المقعد القريب من النافذة، نظر إلى السّحب التي حجبت الأرض، حدث ارتجاج، نبّه صوت مدوٍ بكلّ اللّغات: الزموا أماكنكم، ما يحدث بسبب ريح قوية، لا زلنا نرتفع، رجاءً اهدأوا، كلّها دقائق وتعود الأمور إلى مجراها؛ حينها قفز مرة أخرى إلى المقعد الذي على يساري، تظاهرت بالغفلة، ظنّني لم انتبه للعبته القذرة، تزحزت إلى مكانه، كان منظر الأرض فاتنا، والزرقة لم تشبع من اليابسة، بينما تقترب المباني والطرقات وكل الأجسام الدقيقة؛ مرة أخرى علا صوت: شدّوا أحزمتكم، نوشك على الهبوط، اقترب هو منّي وأخذ يرتعش، سألته: ما بك...؟ قال لي: لا شيء...أشعر بدوار فقط... ظلّ متمسّكا بقميصي، حتى ظننته يريد تمزيقه، هدأت المحرّكات، انتشرت الموسيقي العذبة في كلّ مكان، عمّ الضّجيج واختلطت أصواتهم، تراكمت الحقائب، تزاحموا أمام باب الخروج، لم يصدّق أنه كان على علو عشرة آلاف... _________ سعيد موفقي / الجزائر