الأبواب الباردة
الشمس ووجه الإسفلت وهذه الحيطان المدرّعة وموجة الشح العنيفة وكثرة المتسولين المنافسين دفعتني لتعديل مساري في هذا اليوم فقررت التسوّل داخل الحي.
منازل الحي عالية باذخة تتكاثر خارجها الرطوبة وبقع الزيت وأبجديات مختلفات ألوانها وبقايا مقاعد متهرئة وسيارات متراصة بنظام وبغير نظام .
بيدي دفعت الباب الذي انتصب على مدخل العمارة كأنه مرآة ضـخمة، ودخلت ثم صرخت: لله يا محسنين، أعدت النداء ثانية دون جدوى فاقتربت من باب شقة على يمناي وصرخت: لله يا محسنين، ثم قرعت الجرس.
وضعت أذني على باب الشقة متحسساً ، ولما كان الباب بارداً وموصدا بإحكام على فراغات من الصمت والبرد فقد قررت الانتقال إلى الشقة المقابلة.
وقفت أمام الباب الخشبي الموصد وصرخت ثم قرعت الجرس دون جدوى فألصقت أذني بالباب فألفيته باردا وقد أوصد بإحكام على الصمت والبرد ، وعندما حانت مني التفاتة نحو اليمين وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام درج رخامي فاخر قد يرتفع بي نحو أبواب باردة أخرى .